الخميس 04 يوليو 2024

‫امرأة لا تخشى الوداع‬ بقلم الكاتبة ‫مــروة أحمـــد‬

انت في الصفحة 2 من 14 صفحات

موقع أيام نيوز

‫هــذا المحلــول سيســاعدها علــى ارتفــاع الضغــط‪،‬‬
‫فقــد أصيبــت بهبــوط شــديد فلجــأ الجســم لوضــع‬
‫األغمــاء فــي محاولــة الســتعادة انتظــام الــدورة‬
‫الدمويــة‪..‬ستتحســن خــال الســاعات القادمــة‬
 ‫وســأعود لرؤيتهــا فــي الصبــاح‪.‬جــال‪:‬‬
 ‫شكرا يا دكتور ‪.‬مع السالمة‪.‬‬
‫بينمــا يــودع جــال الطبيــب بذهــن منشــغل مــا الذي‬
‫تســبب لهــا فــي مــا حــدث تســتوقفه قصــة علــى‬
‫شاشــة جهازهــا الصغيــر بعنــوان (صمــت األنيــن)‬
‫كانــت تســجلها قبــل أن تتوجــه إلــى المطبخ مشــغولة‬
‫الذهــن‪،‬مثقلــة القلب‪،‬يشــده العنــوان فيجلــس ليقرأ‬
‫بعــض األســطر ببعــض الفضــول ولــم يتخيــل أنهــا‬

‫تشــير إليــه بيــن الســطور‪_.‬أحتــل األلــم قلــب تلــك‬
‫الفتــاة فــي تلــك اللحظــة وهــو يمازحهــا‪،‬شــعرت بهذا‬
‫األلــم يســرى فــي جســدها كامــا وكأن أحدهــم قــام‬
‫بغلــق منافــذ األوكســجين‪،‬كانــت تســتقبل الكلمــات‬
‫مثــل طلقــات ناريــة تختــرق العظــم‪،‬كيــف لكلمــات‬
‫أن تثقــب قلبــا؟ تــردد بداخلهــا أه لــو تعلــم مــا أشــعر‬
‫بــه فقــط لرســم تلــك االبتســامة الزائفــة علــى وجهى‬
‫!! لــم تســتطع أن تسترســل فــي هــذه التمثيليــة لتبــدو‬
‫واثقــة ويســتمر هــذا المــزاح علــى حســاب جرحهــا‬
‫الغائــر‪،‬ذلــك الجــرح الــذي حــدث منــذ ســنوات ولــم‬
‫يلتئــم بعــد‪،‬برغــم كل محاوالتهــا‪،‬عــادت بالذاكــرة‬
‫إلــى تلــك اللحظــة القديمــة حينمــا كان يحدثهــا‬
‫خطيبهــا الســابق عــن الفتيــات الالتــي يعرفهــن‬
‫ومــدى أعجابهــن بــه‪،‬كان مزاحــه دائمــا ثقيــا بهــذا‬
‫الشــكل‪،‬واكنــت تدعــى الثقــة والــا مبــاالة بالرغــم‬
‫مــن أن قلبهــا كان يعتصــر مــن الداخــل‪،‬إلــى أن‬
‫ســألها يومــا مــاذا ســتفعلين أذا أخبرتــك أننــي‬
‫أحــب ســواك؟ حينهــا أجابــت بألــم لــن أفعــل شــيئا‬
‫ســوى ‪..‬أننــي ســأغادر‪،‬فهــي تعلــم أنهــا ال تجيــد فــن‬
‫األســتجداء الــذي تتقنــه فتيــات هــذه األيــام‪،‬كان‬
‫ينبغــى أن تقــول ســأهد الدنيــا فــوق رأســيكما‪،‬حتــى‬
 ‫وأن كانــت لــن تفعــل‪،‬ولكنهــا لــم تقــل‪..‬‬
‫حينمــا علمــت بعــد ذلــك أن مــا قالــه حقيقــي لــم‬
‫تفعــل ســوى ما قالتــه‪،‬وغــادرت عالمــه بالفعــل‪.‬كان‬
‫جــال يقــرأ باهتمــام شــديد بــل ويشــعر بذلــك األلــم‬
‫الــذي أعتصــر قلبهــا ولكــن مــا قــرأه فــي الســطور‬
 ‫ً‬‫التاليــة هــو مــا أدهشــه فعــا‪.‬‬
‫_ اآلن أشــعر بنفــس األلــم مــن جديــد‪،‬اآلن فقــط‬
‫أعتــرف أننــي معقــده ‪.‬نعــم يبــدو أننــي أنثــي معقــدة‬
‫أخــاف علــى قلبــي حــد الرعــب‪،‬أنثــى تقضــى‬
‫ايامهــا تطمئــن هــذا القــب‪،‬ال تخــش يــا صديقــي‬
‫فنحــن اآلن بخيــر‪،‬لــن يتركنــا هــذه المــرة‪،‬ال تخــش‬
‫علــى مكانتــك اقســم لــك أنــك ال ينازعــك عليهــا‬
‫أحــدا ! يوميــا تعيــد علــى قلبهــا تلــك الكلمــات‪،‬ثــم‬
‫تســتدرج إلــى هــذا الحــوار فــي كل مــرة علهــا تســمع‬
‫مــا يهــدئ مــن قلبهــا المضطــرب وتعــود لنفســها‬
‫مــن جديــد بنفــس النتيجــة وباتفــاق أخيــر أنهــا‬
‫لــن تســتدرج لمثــل هــذا النــوع مــن الهــزل ‪.‬إلــى أن‬
‫وصلــت فــي هــذه اللحظــة أنهــا لــم تعــد تســتطيع أن‬‬‬
‫تفصــل بيــن الجــد والهــزل‪،‬تــدور بعقلهــا مفــردات‬
‫تلــك الجملــة مــرة بعــد مــرة وهــو يقــول أنــه ســيظل‬
‫محتفظــا بهــذا الجــزء من شــخصيته (الحبــوب) حتى‬
‫وأن لــم يظهــر لهــا أو ال تعلــم !! أي شــخص الــذي‬
‫يتحمــل ذلــك؟ وأى مقابــل هــذا الــذي يجعلهــا تقبل‬
‫أن يعجــب بأخريــات ويالطفهــن بعلمهــا أو بــدون؟؟‬
  ‫ألــم يغيــر الزمــن شــيئا بعــد كل هــذه الســنوات؟‬
‫بالرغــم أنهــا تــرى حبــه لهــا وحنــان قلبــه وكرمــه‬


‫معهــا‪،‬ولكــن ‪..‬حيــن تصطــدم بتلــك الجمــل ال‬
‫يمكنهــا التمييــز بيــن الهــزل والجــد‪،‬القــرارات‬
‫والمشاكســات‪،‬كانــت عيون جــال ممتلئــة بالدموع‬
‫وهــو يتابــع كل حــرف ممــا ســجلته جميلــة بينمــا‬
‫يحبــس أنفاســه وهــو يتابــع الكلمــات القادمــة وقلبــه‬
‫ممتلــئ بالرغبــة الصادقــة فــي احتواءهــا واالعتــذار‬
‫لهــا‪،‬فــي هــذه اللحظــة أن كان مــا ســمعته حقيقيــا‬
‫فســأغادر بهــدوء‪،‬فقــد ســئمت التنمــر علــى قلبــي‬

‫المتعــب ‪.‬فــي الكــون متســعا لنــا‪،‬وهنــاك الكثيــرات‬
‫غيــري ممــن يتحملــن ذلــك المــزاح البغيــض بصــدر‬
 ‫رحــب‪.‬‬
‫شــرد جــال بعــد قراءتــه قرارهــا األخيــر وأدرك أن‬
‫هــذه هــي الحالــه التــي ذهبــت بهــا إلــى المطبــخ‬
‫قبــل أن تجــرح يديهــا وهــي شــاردة أو مأخــوذة كليــا‬
‫فــي عالــم مــن أمــواج األفــكار المتالطمــة فــي رأســها‬
‫المشــوش وقلبهــا المتعــب‪.‬أنــا الســبب‪،‬هكــذا نطــق‬
‫بهــا جــال مؤنبــا نفســه‪،‬ذهــب ليلقــي نظــرة عليهــا‬
 ‫ووجدهــا مــا زلـ ِ‬
‫ـت فــي نومهــا العميــق‪،‬وقــد أوشــك‬
   ‫المحلــول علــى نهايتــه‪،‬جلــس بجوارهــا يفكــر‪:‬‬
‫_تعتــذر هــي عــن جــرح يدهــا والفوضــى التي ســببتها‬
‫فــي المطبــخ‪،‬فمــاذا عــن جرحــى أنــا لهــا؟ أنــا مــن‬
‫جرحهــا بســهام كلماتــه وهــو يمــزح وأتيــت ألوقــظ‬
‫هــذا الجــرح مــن جديــد‪،‬برغــم أنهــا ذكــرت مــرارا‬
‫أنهــا ال تفضــل هــذا المــزاح‪.‬اقتــرب منهــا يتفحــص‬
‫النبــض ودرجــة الحــرارة‪،‬يبحــث عــن أي أشــارة‬
‫لعــودة وعيهــا حتــى يعتــذر لهــا عمــا بــدر منــه‪،‬فهــو‬
‫حتــى وان لــم يخنهــا فعليــا فقــد فعلهــا لفظيــا‪،‬حينما‬
‫أســتفز قلبهــا ومشــاعرها بهــذه الممازحــات الثقيلــة‬
‫عليهــا‪،‬كانــت جميلــة تحــاول فــي تلــك اللحظــة أن‬
‫تفتــح عينيهــا بصعوبــة‪،‬أمســك يدهــا وقبلهــا هامســا‬
‫فــي أذنيهــا‪:‬أنــا بجــوارك يــا جميلتــى‪..‬كمــا كانــت‬
 ‫تحــب ان يناديهــا‪،‬ثــم أكمــل‪:‬‬
‫_أســف لقــد كنــت الســبب فــي كل مــا مــررت بــه‬
‫اآلن‪،‬كان مزاحــا ثقيــا وأعــدك أننــي لــن أكــرره‪،‬‬
‫أطمئنــى فأنــا ال أري فــي الدنيــا غيــرك‪،‬وعــذرا ألنهــا‬
‫جــاءت كاعتــراف متأخــر ولكننــي ظننــت أنــك‬
 ‫تعلميــن ذلــك‪،‬أنــا حقــا ال أريــد ســواك‪.‬‬

انت في الصفحة 2 من 14 صفحات